وسارت قافلة الامام حتى انتهت إلى (الخزيمية) وهي احدى منازل الحج فاقام فيها الامام يوما وليلة ليستريح من جاهد الطريق وعناء السفر ، وقد خفت إليه اخته الحوراء عقيلة بني هاشم ، وهي تجر ذيلها وقلبها الزاكي يتقطع من الأسى والحزن ، وهي تقول له بنبرات مشفوعة بالبكاء إني سمعت هاتفا يقول :
ألا يا عين فاحتفلي بجاهد |
|
فمن يبكي على الشهداء بعدي |
على قوم تسوقهم المنايا |
|
بمقدار الى انجاز وعدي |
فقال لها أبي الضيم :
«يا اختاه كل الذي قضي فهو كائن» (١).
لقد أراد من شقيقته أن تخلد إلى الصبر ، وأن تقابل الخطوب والرزايا برباطة جأش وعزم حتى تقوى على اداء رسالته.
وانتهت قافلة الامام إلى «زرود» فأقام الامام فيها بعض الوقت وقد نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي ، وكان عثماني الهوى ، وقد حج بيت اللّه في تلك السنة ، وكان بسائر الامام في طريقه ، ولا يحب أن ينزل معه مخافة الاجتماع به إلا انه اضطر إلى النزول قريبا منه ، فبعث
__________________
(١) المناقب لابن شهر اشوب ٥ / ١٢٧ من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين ، الفتوح ٥ / ١٢٢.