وهذه النقاط المشرقة في خطابه دلت على انه آيس من الحياة وعازم على الموت ، ومصمم على التضحية ولو كان يروم الملك لما عرض لذلك وكان عليه ان يقدم الوعود المعسولة ، والآمال البراقة لمن يسير معه.
ولم يستجب لنداء الامام أحد من اهالي مكة ، ولا احد من الحجاج الذين سمعوا خطابه سوى نفر يسير من المؤمنين. وهذا مما يكشف عن قلة الوعي الديني ، وتخدير المجتمع ، وانحرافه عن الحق.
ولما عزم الامام على مغادرة مكة احرم للعمرة المفردة فطاف بالبيت وسعى وقصر وطاف طواف النساء ، واحل من عمرته ، وذكر الشيخ المفيد ان الامام الحسين لما أراد التوجه إلى العراق طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل من احرامه وجعلها عمرة لأنه لم يتمكن من اتمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكة فينفذ به إلى يزيد (١) وهذا لا يخلو من تأمل فان المصدود عن الحج يكون احلاله بالهدي حسبما نص عليه الفقهاء لا بقلب احرام الحج إلى عمرة فان هذا لا يوجب الاحلال من احرام الحج ، أما ما ذكرناه فتدعمه روايتان ذكرهما الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة في كتاب الحج في «باب انه يجوز أن يعتمر في أشهر الحج عمرة مفردة ، ويذهب حيث شاء».
أما الروايتان فهما :
١ ـ رواها ابراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللّه (ع) أنه سئل عن رجل خرج في اشهر الحج معتمرا ثم خرج إلى بلاده قال : لا بأس
__________________
(١) الارشاد (ص ٢٤٣) وذكر ذلك الشيخ الطبرسي في اعلام الورى