وداعب برير عبد الرحمن الأنصاري فاستغرب منه وقال له :
«ما هذه ساعة باطل!!»
فأجابه برير :
«لقد علم قومي أني ما احببت الباطل كهلا ولا شابا ، ولكني مستبشر بما نحن لاقون ، واللّه ما بيننا وبين الحور العين الا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، وودت انهم مالوا علينا الساعة» (١).
وليس في اسرة شهداء العالم مثل هذا الايمان الذي تفجر عن براكين هائلة من اليقين والمعرفة وصدق النية ، وعظيم الاخلاص .. لقد استبشروا بالفوز في جنان الخلد مع النبيين والصديقين ، وايقنوا انهم يموتون اهنأ موتة واعظمها في تأريخ البشرية في جميع الأجيال والآباد.
وكان الامام يصلي ، وقد اشرف عليه الخبيث الدنس شمر بن ذي الجوشن (٢) فسمعه يقرأ في صلاته قوله تعالى :
(وَلاٰ يَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدٰادُوا إِثْماً ولَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيَذَرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلىٰ مٰا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّٰى يَمِيزَ اَلْخَبِيثَ مِنَ اَلطَّيِّبِ) (٣).
فجعل الشمر يهزأ بالامام ، واندفع رافعا صوته :
__________________
(١) الطبري ٦ / ٢٤١ ، البداية والنهاية ٨ / ١٨٧
(٢) وفي البداية والنهاية ٨ / ١٨٧ ان المشرف هو ابو حرب السبيعي عبيد اللّه بن شمير وكان مضاحكا بطالا.
(٣) سورة آل عمران آية ١٧٨