المخيم فأخذت عمودا وحملت على اعداء اللّه وهي ترتجز :
أنا عجوز في النساء ضعيفة |
|
خاوية بالية نحيفة |
أضربكم بضربة عنيفة |
|
دون بني فاطمة الشريفة |
واصابت رجلين فبادر إليها الامام وردها الى المخيم (١) لقد اثرت غربة الامام ووحدته على عواطف هذه السيدة الكريمة ، فقدمت فلذة كبدها فداء له ، ثم انعطفت هي في ميدان القتال لتفديه بنفسها ، فكان ـ حقا ـ هذا منتهى الايمان والاخلاص.
وانس بن الحارث الكاهلي من صحابة النبي (ص) وقد شهد معه بدرا وحنينا ، وقد سمعه يقول : «ان ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يقتل بأرض كربلا ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره» (٢) وقد لازم الحسين وصحبه من مكة ، وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن وقد استأذن من الامام أن يجاهد بين يديه فاذن له ، وقد شد وسطه بعمامته نظرا لتقوس ظهره كما رفع حاجبيه بالعصابة فلما نظر إليه الامام ارخى عينيه بالبكاء ، وقال له : شكر اللّه لك يا شيخ ، وقاتل ـ على كبر سنه ـ قتال الأبطال فروي أنه قتل ثمانية عشر رجلا ثم استشهد (٣) وسمت روحه الطاهرة الى الرفيق الاعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ٢ / ١٤٠
(٢) اسد الغابة ١ / ٣٤٩ ، الاصابة ١ / ٦٨ ، كنز العمال ٦ / ٢٢٣
(٣) مقتل المقرم