شديد ، فرده إليهما وقال باحترام :
«لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني ، ولكن واللّه ما فعلته الا للّه ولقرابتكم من رسول اللّه (ص)» (١)
وخلد الامام زين العابدين الى البكاء على أبيه ليلا ونهارا يقول الامام الصادق (ع) : ان جدي علي بن الحسين بكى على أبيه عشرين سنة ، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى (٢) وعذله بعض مواليه فقال له :
«إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين»
فقال له الامام برفق :
«يا هذا انما أشكو بثّي وحزني إلى اللّه ، واعلم من اللّه ما لا تعلمون ان يعقوب كان نبيا فغيب اللّه عنه واحدا من أولاده وعنده اثنا عشر ولدا وهو يعلم أنه حي فبكى عليه حتى ابيضت عيناه من الحزن ، واني نظرت الى أبى واخوتي وعمومتي وصحبي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟ واني لا أذكر مصرع بني فاطمة الا خنقتني العبرة ، وإذا نظرت إلى عماتي واخواتي ذكرت فرارهن من خيمة الى خيمه» (٣).
ويزداد وجيب الامام ، وتتضاعف آلامه حينما كان ينظر إلى ديار أهله ، وهي خالية موحشة تنعى أهلها ، فقد رحلت عنها تلك الكواكب التي كانت تضيء للناس حياتهم الفكرية والاجتماعية ، وفيها يقول الشاعر :
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٦ ، ابن الأثير ٣ / ٣٠٠
(٢) الامام زين العابدين لأحمد فهمي (ص ٣١)
(٣) مقتل المقرم (ص ٤٧) وقريب منه جاء في حلية الأولياء ٣ / ١٣٨