وخرج أبي الضيم فرأى البيداء قد ملئت خيلا ورجالا ، وقد شهرت السيوف والرماح ، وهم يتعطشون إلى اراقة دمه ودماء البررة من أهل بيته وأصحابه لينالوا الأجر الزهيد من ابن مرجانة فدعا (ع) بمصحف فنشره على رأسه ، وأقبل على اللّه يتضرع إليه قائلا :
«اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من هم يضاعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيته ، فانت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة» (١).
ويلمس في هذا الدعاء مدى ايمانه العميق فقد اناب الى اللّه واخلص له في جميع مهامه فهو وليه ، والملجأ الذي يلجأ إليه في كل نازلة نزلت به.
وأمر الامام في أول الصبح باشعال النار في الخندق الذي كان محيطا بخيم النساء ليحميها من هجوم الخيل ، كما لا تتعدد عليهم جبهات القتال وتنحصر في جهة واحدة.
__________________
(١) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ١٤ البداية والنهاية ٨ / ١٦٩ ، تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٧.