ولما رأى البطل الملهم عابس بن شبيب الشاكري وحدة الامام واجتماع أهل الكوفة على قتله أقبل على رفيقه في الجهاد شوذب مولى شاكر (١) فقال له :
«يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟»
فانبرى شوذب يعلن ما صمم عليه من الفداء والتضحية قائلا :
«اقاتل حتى اقتل»
فشكره عابس وأثنى عليه قائلا :
«تقدم بين يدي أبي عبد اللّه حتى يحتسبك كما احتسب غيرك فان هذا يوم نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه».
فأي ايمان مثل هذا الايمان؟ انه كان يسعى جاهدا بجميع طاقاته ليظفر بما يقربه إلى اللّه زلفى ، وتقدم شوذب فأدى التحية الى الامام وحمل على معسكر ابن سعد فقاتل قتال الأبطال حتى استشهد بين يدي أبي عبد اللّه (٢).
وعابس الشاكري كان من اسرة عريقة في الشرف والنبل ، عرفت بالشجاعة والاخلاص للحق ، وفيهم يقول الامام علي (ع) : «لو تمت عدتهم الفا لعبد اللّه حق عبادته» وكانوا يلقبون «فتيان الصباح» وكان عابس
__________________
(١) ورد في الزيارة الرجبية (سويد مولى شاكر)
(٢) تأريخ الطبري ٦ / ٢٥٤