ونادى مناديه بالكوفة بذلك (١) كما أرسل الوفود الى جميع انحاء البلاد لاعلان النصر واذاعة الخوف بين الناس (٢).
وقل ما شئت في تصوير المحنة الكبرى التي دهمت عقائل النبوة في ليلة الحادي عشر من المحرم ، فانك لا تستطيع تصويرها ولا استيعاب مأساتها ، فلم تبق رزية من رزايا الدنيا ، ولا غصة من غصص الدهر الا جرت عليهن ، فالاعداء الجفاة الذين لا يملكون أي شرف أو نبل قد استولوا عليهن ، والحماة الأباة من آل الرسول (ص) قد تناثرت اشلاؤهم الزكية أمامهن من دون أن ينبري أحد الى مواراتهم ، والخيام قد احرقت ونهب ما فيها من ثقل ومتاع ، وسلب ما عليهن من حلي وحلل ووصف ذلك المنظر الحزين الدكتور الشيخ احمد الوائلي في رائعته التي يقول فيها :
وسجى الليل والرجال ضحايا |
|
والنساء المخدرات ذهول |
واليتامى تشرد وضياع |
|
والثكالى مدامع وعويل |
وبقايا مخيم من رماد |
|
وقيود يئن منها عليل |
وزنود قست عليها سياط |
|
وجسوم يضري بها التمثيل (٣) |
أما حفيدة الرسول (ص) وشقيقة الحسين العقيلة زينب (ع) فانها ما وهنت ولا استكانت أمام تلك الأهوال القاصمة فقد اسرعت تلتقط
__________________
(١) مع الحسين في نهضته (ص ٢٨٥)
(٢) مقتل الحسين لعبد اللّه
(٣) مجلة البلاغ العدد التاسع السنة الرابعة (ص ١٣)