واحدة الى الارض ـ حسبما يقول الامام الباقر عليه السلام ـ ، وأخذ يناجي ربه قائلا :
«هون ما نزل بي أنه بعين اللّه تعالى .. اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ، الهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه ، وانتقم لنا من الظالمين ، واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة في الآجل ، اللهم : أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمد (ص)».
ونزل الامام عن جواده وحفر لطفله بجفن سيفه حفرة ودفنه مرملا بدمائه الزكية ، وقيل انه القاه مع القتلى من أهل بيته (١) لك اللّه يا أبا عبد اللّه على هذه الكوارث التي لم يمتحن ببعضها أي نبي من أنبياء اللّه ، ولم تجر على أي مصلح في الارض.
ووقف الامام وحيدا في الميدان أمام أعدائه ، وقد زادته الفجائع المذهلة ايمانا ويقينا في بشر وطلاقة وثقة بما يصير إليه من منازل الفردوس الأعلى.
لقد وقف ثابت الجنان لم يوهن عزيمته مصارع اولاده وأهل بيته وأصحابه ولا ما كان يعانيه من ألم العطش ونزيف الدماء ، انه صمود الأنبياء وأولي العزم الذين ميزهم اللّه على بقية عباده ، وقد روى ولده علي بن الحسين زين العابدين (ع) الصور المذهلة عن صبر أبيه وصموده قال : كان كلما يشتد الأمر يشرق لونه ، وتطمئن جوارحه ، فقال بعضهم :
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرم (ص ٣٣٣)