انظروا كيف لا يبالي بالموت (١) ويقول عبد اللّه بن عمار : رأيت الحسين حين اجتمعوا عليه يحمل على من على يمينه حتى اندغروا عنه (٢) فو اللّه ما رأيت مكثورا قد قتل أولاده وأصحابه اربط جأشا منه ، ولا أمضى جنانا منه ، وو اللّه ما رأيت قبله ولا بعده مثله (٣) وكان يتمثل بقول ابن الخطاب الفهري :
مهلا بني عمنا ظلامتنا |
|
إن بنا سورة من القلق |
لمثلكم تحمل السيوف ولا |
|
تغمز احسابنا من الرفق |
إني لأنمى اذا انتميت |
|
إلى عز عزيز ومعشر صدق |
بيض سباط كأن أعينهم |
|
تكحل يوم الهياج بالعلق (٤) |
وحمل على اعداء اللّه فجعل يقاتلهم أشد قتال رآه الناس ، وقد حمل على الميمنة وهو يرتجز :
الموت أولى من ركوب العار |
|
والعار أولى من دخول النار |
وحمل على الميسرة وهو يرتجز :
__________________
(١) خصائص الحسين للتستري (ص ٣٩)
(٢) اندغروا : أي ولوا منهزمين فزعين
(٣) تأريخ ابن كثير ٨ / ١٨٨
(٤) ريحانة الرسول (ص ٦٤) وجاء فيه (أن من الغريب أن كل من تمثل بهذه الأبيات قتل ، فقد تمثل بها الحسين يوم الطف وزيد بن علي يوم السبخة ، ويحيى بن زيد يوم الجوزجان ، ولما تمثل بها ابراهيم ابن عبد اللّه بن الحسن في خروجه على المنصور تطير له أصحابه ، ولم يلبث أن أتاه سهم غادر فقتله.