رابعا ـ : انه اعلن رفضه الكامل لدعوة الطاغية ابن مرجانة من الاستسلام له ، فقد اراد له الذل وهيهات أن يرضخ لذلك فقد خلق ليمثل الكرامة الانسانية والمثل العليا فكيف يذعن للدعي ابن الدعي؟
خامسا ـ : انه اعلن تصميمه على الحرب ، وان يخوض المعركة بأسرته التي مثلت البطولات ومضاء العزيمة والاستهانة بالموت.
سادسا : انه أخبرهم عن مصيرهم بعد قتلهم له ، فان اللّه سيسلط عليهم من يسقيهم كأسا مصبرة ، وينزل بهم العذاب الأليم ، ولم يمض قليل من الوقت حتى ثار عليهم المختار فملأ قلوبهم فزعا ورعبا ونكل بهم تنكيلا فظيعا.
هذه بعض النقاط الحساسة التي حفل بها كلامه الشريف الذي تندفق بقوة البيان ، وروعة القصد ، وقد وجم جيش ابن سعد.
وثابت نفس الحر إلى الرشاد واستيقظ ضميره بعد ما سمع خطاب الامام ، وجعل يتأمل ويفكر في تلك اللحظات الحاسمة من حياته ، فقد استولت عليه موجات رهيبة من الصراع النفسي ، فهل يلتحق بالحسين فيضحي بحياته ومنصبه بعد ما كان القائد المقرب من السلطة ، وقد وثقت به وجعلته اميرا على مقدمة جيشها ، او انه يبقى محاربا إلى الامام وفي ذلك العذاب الدائم ، واختار الحر نداء ضميره ، وتغلب على صراعه النفسي فصمم على الالتحاق بالحسين وقبل أن يتوجه إليه اسرع نحو ابن سعد فقال له :
«امقاتل أنت هذا الرجل؟»