ورأى ابن سعد أن وحدة الجبهة في القتال ستكبد جيشه أفدح الخسائر ، وتقضي بطول الوقت وامتداد الحرب ، فرأى أن يفتح جبهة ثانية حتى يسهل القضاء على البقية الباقية من أصحاب الامام فأوعز بتقويض مضارب الامام وبيوته التي كانت محيطة بأصحابه يمينا وشمالا حتى يشتغلوا بالدفاع عنها ، وتضعف بذلك جبهتهم ، وهجمت جنوده فجعلوا يقوضونها فكمن لهم بعض اصحاب الامام فجعلوا يقتلونهم ويعقرون خيولهم ، وباءت هذه الخطة بالفشل الذريع ، ولم تحقق أى نصر لها ، وامر ابن سعد ثانيا بخرق الخيام حتى تهجم خيله عليهم وحاول اصحاب الامام منعهم عن ذلك فنهاهم الامام وقال : دعوهم ليحرقوها فاذا احرقوها فلا يستطيعون أن يجوزوا إليكم ، فكان الأمر كما قال : فقد حالت النار بينهم وبين اصحاب الامام ، وبقيت جبهة القتال واحدة (١).
وحمل الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن على فسطاط الامام الذي يضم السيدات من عقائل النبوة وحرائر الوحي ونادى الوغد رافعا عقيرته :
«علي بالنار لأحرقه على اهله»
لقد تردي هذا الانسان الممسوخ في متاهات سحيقة من الخبث واللؤم ومن المؤكد انه ليس في مجرمي الحروب وشذاذ الآفاق مثل هذا المجرم
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٩١