«تقدم يا أخي حتى اراك قتيلا واحتسبك» (١)
واستجابت الفتية الى نداء الحق ، فتقدموا الى الجهاد بعزم واخلاص
قول رخيص :
وان من أرخص الأقوال واهزلها ما ذكره ابن الأثير ان العباس (ع) قال لاخوته : «تقدموا حتى ارثكم فانه لا ولد لكم» (٢) لقد قالوا بذلك : ليقللوا من أهمية هذا العملاق العظيم الذي هو في طليعة رجال الاسلام بذلا وتضحية في سبيل اللّه ، وهل من الممكن أن يفكر العباس عليه السلام في الناحية المادية في تلك الساعة الرهيبة التي كان الموت المحتم منه كقاب قوسين أو ادنى ، مضافا الى المحن الشاقة التي احاطت به ، فهو يرى الكواكب من ابناء اخوته وعمومته صرعى على الأرض ، ويسمع ضجيج حرائر النبوة وكرائم الوحي ، ويسمع صراخ الأطفال وهم ينادون العطش العطش ، ويرى اخاه قد احيط به وهو يستغيث فلا يغاث ، فقد استوعبت هذه الرزايا التي تذهل الالباب جميع مشاعره وعواطفه ولم يكن يفكر الا بسرعة الرحيل عن هذه الدنيا ، ومضافا لذلك كله فان أم البنين أم العباس كانت حية فهي التي تحوز ميراث ابنائها لأنها من الطبقة الأولى ، ولعل الوارد حتى أثأركم أي اطلب بثأركم فحرف ذلك.
وبرز عبد اللّه بن امير المؤمنين وأمه أمّ البنين الى ساحة الجهاد والتحم مع الأعداء وهو يرتجز :
__________________
(١) مقاتل الطالبيين (ص ٨٢)
(٢) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٩٤