وتدافعت جيوش الباطل والضلال وهي مدججة بالسلاح في صفوف كأنها السيل نحو اولئك الصفوة الأحرار الذين وهبوا حياتهم للّه فلم يشغلهم شاغل عن نصرة الحق وازهاق الباطل وقد صمدوا بصبر واخلاص أمام تلك الوحوش الكاسرة فلم ترهبهم كثرتها ، وما تتمتع به من آلات الحرب والقتال ، وقد أبدوا من البسالة والشجاعة مما يدعو إلى الزهو والافتخار ... ونعرض الى مجريات القتال وما رافقها من شهادة اولئك الأبرار.
وشنت قوات ابن سعد هجوما عاما واسع النطاق على اصحاب الامام وخاضوا معهم معركة رهيبة ، وهذه هي الحملة الأولى التي خاضها أصحاب الامام وهي حملة جماعية ضاربة اشترك فيها معسكر الكوفة بكامل قطعاته وقد خاض اصحاب الحسين تلك المعركة بعزم يستمد من العقيدة ، ويشتق من نفس مفطورة على الاخلاص والتضحية دفاعا عن الاسلام وجهادا في سبيل اللّه ، وقد برزت معنويتهم العسكرية للعيان فكانوا يهزمون الجمع ويخترقون الجيش ، وقد اخترقوا جيش ابن سعد عدة مرات بقلوب أقوى من الصخر (١) وقد استشهد نصفهم في هذه الحملة (٢).
__________________
(١) مع الحسين في نهضته (ص ٢٢٠)
(٢) جاء في بحار الأنوار ان عدد المستشهدين من أصحاب الامام في الحملة الأولى خمسون رجلا.