كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شيء من مالك ، ولم اكن بالذي اتخذ المضلين عضدا (١) واني انصحك إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ولا نشهد وقعتنا فافعل ، فو اللّه لا يسمع واعيتنا احد ولا ينصرنا الا اكبه اللّه في نار جهنم» (٢).
فاطرق ابن الحر برأسه الى الأرض وقال بصوت خافت حياء من الامام.
«أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء اللّه تعالى» (٣)
وما كان مثل ابن الحر وهو الذي اقترف الكثير من الجرائم ان يوفق الى نصرة الامام ويفوز بالشهادة بين يديه.
وقد ندم ابن الحر كاشد ما يكون الندم على ما فرط في امر نفسه من ترك نصرة ريحانة رسول اللّه (ص) واخذت تعاوده خلجات حادة من وخز الضمير ، ونظم ذوب حشاه بابيات سنذكرها عند البحث عن النادمين عن نصرة الحسين (ع).
والتقى الامام في قصر بني مقاتل بعمرو بن قيس المشرفي ، وكان معه ابن عم له ، فسلم على الامام وقال له :
«يا ابا عبد اللّه هذا الذي ارى خضابا؟
__________________
(١) الفتوح ٥ / ١٣٢
(٢) مقتل الحسين للمقرم (ص ٢٢٤)
(٣) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٢