خلافة يزيد ... لم يخرج الحسين إلا بعد أن اختبر استعداد الكوفيين للقيام بهذه الثورة وذلك بارسال ممثل له ، ليتعرف على مدى هذا الاستعداد وذهب مسلم بن عقيل بن أبي طالب في هذه المهمة ، ونجح في فترة قصيرة في قيادة اثني عشر الفا في ثورة عارمة بايعت الحسين ، ونزعت بيعة يزيد ، وكتب مسلم بهذا إلى الحسين الذي قرر الخروج لقيادة الحركة بنفسه ، وبهذا لم يكن الحسين متسرعا في خروجه ، ولا مندفعا ، فقد أتته الكتاب ، وأراد أن يطمئن على مدى جديتها ، فاطمأن بخروج هؤلاء الآلاف في الفترة القصيرة التي نشط فيها ممثله» (١).
خامسا ـ ان الامام الحسين لو نزح إلى قطر آخر غير الكوفة فان الجيش الأموي لا بد أن يلاحقه ، ولا بد أن يستشهد فيتجه له اللوم والتقريع ويقال له : لما ذا لم تتجه إلى العراق البلد الذي يضم أنصارك وشيعتك ، وقد بعث إليك أهله آلاف الرسائل تحثك على القدوم إليهم ، فما ذا يكون حينئذ جوابه لو سار إلى قطر آخر ولاحقته جيوش الأمويين؟
هذه بعض الأسباب التي حفزت الامام إلى الاختيار الهجرة إلى الكوفة ليجعلها مقرا لثورته.
بقي هنا شيء وهو ان الامام لما ذا لم يبق بالحجاز ويتخذه منطلقا للثورة ، ولعل السبب في رفضه لذلك يعود إلى ما يلي :
أ ـ ان البيئة الحجازية كانت تتصف بقلة الموارد الاقتصادية فقد اشاع معاوية فيها الفقر والبؤس ، ومن الطبيعي أن الثورة تحتاج إلى دعم مالي
__________________
(١) الخلافة والدولة في العصر الأموي (ص ١١٥ ـ ١١٦)