وعروة بن قيس من القادة البارزين في معسكر ابن سعد ، وكان ممن يديرون عمليات الحرب وقد ذهل من بسالة أصحاب الامام وما انزلوه بالجيش من الأضرار البالغة فاستنجد بابن سعد ليمده بالرماة والرجال قائلا :
«ألا ترى ما تلقى خيلي هذا اليوم من هذه العدة اليسيرة ابعث إليهم الرجال والرماة ..».
وطلب ابن سعد من شبث بن ربعي القيام بنجدته فأبى وقال :
«سبحان اللّه شيخ مضر واهل المصر عامة تبعثه في الرماة لم تجد لهذا غيري!!».
وكان شبث بن ربعي يشعر بوخز في ضميره من الخوض في هذه المعركة ، وقد صرح بذلك غير مرة قائلا :
«لا يعطى اللّه أهل هذا المصر خيرا أبدا ، ولا يسددهم لرشد الا تعجبون انا قاتلنا خير اهل الأرض ، نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ضلال يا لك من ضلال ..».
ولما سمع ذلك منه ابن سعد دعا الحصين بن نمير فبعث معه المجففة وخمسمائة من الرماة فأمرهم برشق أصحاب الامام بالسهام ، فسددوا إليهم سهامهم فاصابوا خيولهم فعقروها فصاروا كلهم رجالة ، ولكن لم تزدهم هذه الخسارة الجسيمة إلا استبسالا في القتال واستهانة بالموت فثبتوا كالجبال الشامخات ولم يتراجعوا خطوة واحدة ، وقد قاتل معهم الحر بن يزيد الرياحي راجلا ، واستمر القتال كاعنف وأشد ما يكون ضراوة ، ووصفه المؤرخون بأنه أشد قتال خلقه اللّه ، وقد استمر حتى انتصف النهار (١).
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٩١ ، تأريخ الطبري ٦ / ٢٥٠