والتجار والسكان إلا خرج فعسكر معي ، وايما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن المعسكر إلا برئت الذمة منه» (١) وامر باذاعة ذلك بين الناس ، وقد اوعز إلى كل من كثير بن شهاب الحارثي ، ومحمد بن الأشعث ، والقعقاع بن سويد بن عبد الرحمن المنقري ، وأسماء بن خارجة الفزاري ، أن يطوفوا في الناس يحثونهم على الطاعة ، ويحذرونهم من المعصية ، ويخوفونهم عواقب الأمور ، وقد طافوا بالكوفة واذاعوا ما أمروا به ، ثم لحقوا به في النخيلة إلا كثير بن شهاب فانه ظل مقيما بالكوفة يخذل الناس عن نصرة الامام ويشيع الارهاب والخوف على المتخلفين عن الحرب (٢) وقد القت الشرطة القبض على رجل من همدان قدم الكوفة يطلب ميراثا له ، فأتي به إلى ابن زياد فأمر بقتله ، ولما رأى الناس ذلك هرعوا إلى الحرب حتى لم يبق في الكوفة محتلم إلا خرج إلى المعسكر في النخيلة (٣) لقد حققت هذه السياسة ما توخاه ابن زياد من حمل الناس على حرب الامام ، وقد سيطر سيطرة تامة على الموقف ، فلم يدع لأي أحد حريته ولا اختياره.
وفرض ابن زياد الرقابة الصارمة على الكوفة مخافة أن يخرج منها أحد لنصرة الامام (ع) فقد بث الجواسيس والعيون ، وفرض نوعا من الأحكام العرفية كانت في منتهى القسوة ، فاذا أتهم احد بالعمل ضد سياسة الدولة القي عليه القبض وسيق بلا هوادة ولا رحمة إلى الاعدام أو السجون
__________________
(١) انساب الأشراف ق ١ ج ١
(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١
(٣) انساب الأشراف ق ١ ج ١