هذه الأعضاء المقطعة ، والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ، ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام ، وليجتهدن أئمة الكفر واشياع الضلال في محوه وطمسه فلا يزداد أثره الا علوا» (١).
وازالت حفيدة الرسول (ص) ما ألم بالامام زين العابدين من الحزن العميق على عدم مواراة أبيه ، فقد أخبرته بما سمعته من أبيها وأخيها من قيام جماعة من المؤمنين بمواراة تلك الجثث الطاهرة ، وسينصب لها علم لا يمحى أثره ، ويبقى خالدا حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها ... وقد جدّ ملوك الأمويين والعباسيين على محوها وازالة آثارها ، وجاهدوا نفوسهم وسخروا جميع امكانياتهم الا انهم لم يفلحوا ، ومضى مرقد الامام شامخا على الدهر ، ومضت ذكراه تملأ رحاب الأرض نورا وفخرا وشرفا كاسمى صورة تعتز بها الانسانية في جميع أدوارها.
وبقيت جثة الامام العظيم وجثث الشهداء الممجدين من أهل بيته واصحابه ملقاة على صعيد كربلا تصهرها الشمس ، وتسفي عليها الرياح ، وقد انبرى جماعة من المؤمنين الذين لم يتلوثوا في الاشتراك بحرب ريحانة رسول اللّه (ص) الى مواراتها ، وقد اختلف المؤرخون في اليوم الذي دفنت فيه ، وفيما يلي ذلك.
__________________
(١) كامل الزيارات (ص ٢٦١)