بلغة الحجاز هي الجمل ، ولما عرف أني لم افهم كلامه قال لي : (انخ الجمل) فأنخته ولما أردت ان اشرب جعل الماء يسيل من السقاء ، فقال لي اخنث السقاء ، فلم ادر ما اصنع فقام أبي الضيم فخنث السقاء حتى ارتويت أنا وفرسي.
ولم تهز هذه الأريحية ولا هذا النبل نفس هذا الجيش «وما تأثر أحد منهم بهذا الخلق الرفيع إلا الحر فقد تأثر ضميره اليقظ الحساس بهذا المعروف والاحسان ، فاندفع بوحي من ضميره حتى التحق بالامام واستشهد بين يديه.
واستقبل الامام قطعات ذلك الجيش فخطب فيهم خطابا بليغا أوضح لهم فيه انه لم يأتهم محاربا ، وانما قدمت عليه رسلهم وكتبهم تحثه بالقدوم إليهم ، فاستجاب لهم ، وقد قال بعد حمد اللّه والثناء عليه :
«أيها الناس انها معذرة الى اللّه عز وجل وإليكم .. انى لم آتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت بها علي رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام ، ولعل اللّه أن يجمعنا بك على الهدى ، فان كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فاعطوني ما اطمئن به من عهودكم ومواثيقكم ، وان كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم الى المكان الذي جئت منه إليكم».
واحجموا عن الجواب لأن اكثرهم كانوا ممن كاتبوه بالقدوم إليهم وبايعوه على يد سفيره مسلم بن عقيل .. وحضر وقت الصلاة فأمر الامام مؤذنه الحجاج بن مسروق ان يؤذن ويقيم لصلاة الظهر ، وبعد فراغه قال الامام للحر :