وقد صور ابن الحر في شعره ما تفيض به نفسه من الألم العميق فهو ما دام حيا تحز في نفسه الحسرات على ما فاته من شرف الشهادة بين يدي ابن رسول اللّه (ص) وانه لو نصره لفاز بالجنان ، كما عرض لغبطته لأصحاب الحسين الذين فدوه بنفوسهم فقد ظفروا بالأجر الجزيل والمقام العظيم عند اللّه.
هؤلاء بعض النادمين على تركهم لنصرة الامام (ع) وعدم فوزهم بالشهادة بين يديه وحينما اتيحت الفرصة ثاروا مع التوابين في الكوفة.
وكره سكنى الكوفة بعض الأخيار من المتحرجين في دينهم بعد ما عمد أهلها إلى قتل ريحانة رسول اللّه (ص) وكان من بينهم عبد الرحمن القضاعي ، فقد هجر الكوفة وسكن البصرة وقال : لا اسكن بلدا قتل فيه ابن بنت رسول اللّه (ص) (١) لقد اثارت مذبحة كربلا موجة عاتية من الهلع والجزع في جميع أوساط الكوفة ، واستبان لاهلها عظم الجريمة التي اقترفوها ، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن دخول سبايا أهل البيت إلى الكوفة وما رافق ذلك من الأحداث.
__________________
(١) المعارف (ص ٤٢٦)