وممن حزن أعمق الحزن على تركه لنصرة الامام سليمان بن صرد فقد أخذ الألم يحز في نفسه وقد خطب في أصحابه من التوابين وقال في جملة خطابه :
«إنا كنا نمد اعناقنا الى قدوم آل بيت نبينا محمد (ص) نمنيهم النصر ونحثهم على القدوم فلما قدموا ونينا وعجزنا وأدهنا وتربصنا حتى قتل فينا ولد نبينا وسلالته وعصارته ، وبضعة من لحمه ودمه ، إذ جعل يستصرخ ويسأل النصف فلا يعطى اتخذه الفاسقون غرضا للنبل ودريئة للرماح حتى اقصدوه وعدوا عليه فسلبوه» (١).
ومن أشد النادمين حسرة واعظمهم أسى عبد اللّه بن الحر الجعفي الذي قصده الامام وطلب منه النصرة فبخل بنفسه ، وقد أخذته خلجات حادة من تأنيب الضمير على تركه لنصرته ، وقد نظم أساه وحزنه بهذه الأبيات :
فيا لك حسرة ما دمت حيا |
|
تردد بين صدري والتراقي |
غداة يقول لي بالقصر قولا |
|
أتتركنا وتزمع بالفراق |
حسين حين يطلب بذل نصري |
|
على أهل العداوة والشقاق |
فلو فلق التلهف قلب حر |
|
لهمّ اليوم قلبي بانفلاق |
ولو واسيته يوما بنفسي |
|
لنلت كرامة يوم التلاق |
مع ابن محمد تفديه نفسي |
|
فودع ثم اسرع بانطلاق |
لقد فاز الأولى نصروا حسينا |
|
وخاب الآخرون ذو والنفاق (٢) |
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٣٣٣
(٢) مقتل الحسين للخوارزمي ١ / ٢٢٨