وكاد الوضع أن ينفجر باندلاع نار الحرب إلا ان الحر ثاب إلى الهدوء فقال للامام :
«اني لم أومر بقتالك ، وانما امرت أن لا افارقك حتى أقدمك الكوفة ، فاذا أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة ، حتى اكتب الى ابن زياد ، وتكتب أنت إلى يزيد أو الى ابن زياد فلعل اللّه أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن ابتلي من امرك».
واتفاقا على هذا ، فتياسر الامام عن طريق العذيب والقادسية (١) واخذت قافلته تطوى البيداء ، وكان الحر يتابعه عن كثب ، ويراقبه كأشد ما تكون المراقبة.
من الأقوال الشاذة التي لا مدرك لها ما ذكره البستاني ، وهذا نصه :
«لما قرب الحسين من الكوفة لقيه الحر بن يزيد الرياحي ، ومعه الف فارس من أصحاب ابن زياد ، وقال له : أرسلني عبيد اللّه عينا عليك ، وقال لي ان ظفرت به لا تفارقه أو تجيء به ، وأنا كاره أن يبتلني اللّه بشيء من أمرك فخذ غير هذا الطريق ، واذهب الى حيث شئت ، وأنا أقول :
لابن زياد انك خالفتني في الطريق ، وانشدك اللّه في نفسك ، وفيمن معك ، فسلك الحسين (ع) طريقا غير الجادة ، ورجع قاصدا الى الحجاز ، وسار هو واصحابه ليلتهم ، فلما أصبحوا لقوا الحر ، فقال له الحسين : ما جاء بك؟ قال : سعي بي الى ابن زياد أني اطلقتك ، بعد
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٠