والافكار ، وتمثل أمامهن المستقبل الملبد بالكوارث والخطوب ، فما ذا سيجري عليهن بعد مفارقة الحماة من أبناء الرسول (ص)؟ وهن في دار غربة قد أحاط بهن الأعداء الجفاة ، وخلدن الى البكاء والعويل والابتهال إلى اللّه لينقذهن من هذه المحنة التي تقصم الاصلاب.
وأما اعداء أهل البيت فقد باتوا وهم في شوق إلى اراقة تلك الدماء الزكية ليتقربوا بها إلى ابن مرجانة وكانت الخيل تدور وراء معسكر الحسين وعليها عزرة بن قيس الاحمسي (١) خوفا من أن يفوت الحسين من قبضتهم أو يلتحق بمعسكره أحد من الناس.
واستعد الامام هو وأصحابه إلى لقاء اللّه ، ووطنوا نفوسهم على الموت ، وقد أمر (ع) بفسطاط فضرب له ، وأتي بجفنة فيها مسك ، كما أتي بالحنوط ، ودخل الفسطاط فتطيب وتحنط ، ثم دخل من بعده بربر فتطيب وتحنط ، وهكذا فعل جميع أصحابه (٢) استعدادا للموت والشهادة في سبيل اللّه.
وما طلع فجر في سماء الدنيا كفجر اليوم العاشر من المحرم في ماسيه واحزانه ، ولا أشرقت شمس كتلك الشمس في كآبتها وآلامها ...
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٨٧
(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١ ، البداية والنهاية ٨ / ١٨٧