واعتلى الطاغية عمرو بن سعيد الأشدق اعواد المنبر وهو يهز اعطافه مسرورا بقتل الامام ، وقد اظهر احقاده واضغانه فقال :
«أيها الناس : إنها لدمة بلدمة ، وصدمة بصدمة ، كم خطبة بعد خطبة ، حكمة بالغة فما تغني النذر ، لقد كان يسبنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله ، كعادتنا وعادته ، ولكن كيف نصنع بمن سل سيفه علينا يريد قتلنا الا ان ندفعه عن انفسنا».
وقطع عليه عبد اللّه بن السائب خطابه الذي اظهر فيه الشماتة بقتل ريحانة رسول اللّه (ص) ، فقال له :
«لو كانت فاطمة حية ورأت رأس الحسين لبكت عليه»
وكان هذا الاستنكار بداية نقد يجابه به والي المدينة وهو يخطب وقد لذعه نقده فصاح به.
«نحن احق بفاطمة منك ابوها عمنا ، وزوجها اخونا ، وامها ابنتنا ، ولو كانت فاطمة حية لبكت عينها ، وما لامت من قتله» (١).
وقد شذ الأشدق في قوله عن جميع الاعراف الاجتماعية فقد زعم ان فاطمة لو كانت حية لما لامت قاتل ولدها ، بل من المؤكد عنده انها تبارك القاتل الأثيم لأن بذلك دعما للحكم الأمري وبسطا لسلطانهم الذي يحمل جميع الاتجاهات الجاهلية.
ان فاطمة لو كانت حية وشاهدت فلذة كبدها على صعيد كربلا وهو يعاني من الخطوب والكوارث التي لم تجر على أي انسان لذابت نفسها حسرات ، وقد روى علي عن رسول اللّه (ص) انه قال :
__________________
(١) مقتل المقرم (ص ٤١٧)