وبعد ما استشهدت الصفوة العظيمة من أصحاب الامام هبت ابناء الأسرة النبوية شبابا واطفالا للتضحية والفداء ، وهم بالرغم من صغر اسنانهم كانوا كالليوث لم يرهبهم الموت ولم تفزعهم الأهوال وتسابقوا ـ بشوق ـ إلى ميادين الجهاد ، وقد ضنّ الامام على بعضهم بالموت فلم يسمح لهم بالجهاد الا انهم اخذوا يتضرعون إليه ، ويقبلون يديه ورجليه ليأذن لهم في الدفاع عنه.
والمنظر الرهيب الذي يذيب القلوب ، ويذهل كل كائن حي هو أن تلك الفتية جعل يودع بعضهم بعضا الوداع الأخير فكان كل واحد منهم يوسع أخاه وابن عمه تقبيلا وهم غارقون بالدموع حزنا وأسى على ريحانة رسول اللّه (ص) حيث يرونه وحيدا غريبا قد احاطت به جيوش الأعداء ويرون عقائل النبوة ومخدرات الوحي وقد تعالت اصواتهن بالبكاء والعويل ... وساعد اللّه الامام على تحمل هذه الكوارث التي تقصم الأصلاب ، وتذهل الألباب ، ولا يطيقها أي انسان الا من امتحن اللّه قلبه للايمان ... أما الذين استشهدوا من ابناء الرسول (ص) فهم.
وأجمع المؤرخون ان علي بن الحسين الأكبر كان يضارع جده الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم ، في خلقه وأخلاقه التي امتاز بها على سائر النبيين ، وأعظم بهذه الثروة التي ملكها سليل هاشم فقد ملك جميع الطاقات الانسانية والمثل الكريمة التي يسمو بها العظماء والمصلحون.
وكان البارز من معاني أخلاقه الاباء والشمم وعزة النفس والاندفاع الهائل في ميادين الكرامة الانسانية ، فقد آثر الموت واستهان بالحياة في