وكان مجلس الطاغية حاشدا بجماهير الناس وقد أوعز إلى الخطيب أن يعتلي أعواد المنبر ليمجد الأمويين وينال من الحسين فاعتلى الخطيب المنبر فبالغ في الثناء على يزيد ونال من الامام امير المؤمنين وولده الحسين لينال هبات يزيد وعطاياه ، فانتفض الامام زين العابدين وصاح به.
«ويلك أيها الخاطب اشتريت رضاء المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدك من النار ..».
والتفت الى يزيد فقال له :
«أتأذن لي أن أصعد هذه الأعواد فاتكلم بكلمات فيهن للّه رضا ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب».
وبهت الحاضرون وبهروا من هذا الفتى العليل الذي رد على الخطيب والأمير ، وقد رفض يزيد اجابته فالح عليه الجالسون بالسماح له ويعتبر ذلك بداية وعي عند اهل الشام فقال يزيد لهم.
«إن صعد المنبر لم ينزل الا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان»
فقالوا له : وما مقدار ما يحسن هذا العليل.
انهم لا يعرفونه ، وحسبوا أنه لا يحسن شيئا ، ولكن الطاغية يعرفه حقا فقال لهم :
«إنه من اهل بيت قد زقوا العلم زقا»
وأخذوا يلحون عليه ، فانصاع لقولهم فسمح للامام ، فاعتلى اعواد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ، ويقول المؤرخون إنه خطب خطبة عظيمة أبكى منها العيون ، وأوجل منها القلوب ، وكان من جملة ما قاله :
«أيها الناس أعطينا ستا ، وفضلنا بسبع : أعطينا العلم ، والحلم ،