«دعوه لها ، يا للرحم ودّت أنها تقتل معه» (١)
ولو لا موقف العقيلة لذهبت البقية من نسل الامام الحسين (ع) التي هي مصدر الخير والفضيلة في الأرض ، وروى الجاحظ ان ابن مرجانة قال لاصحابه في علي بن الحسين :
«دعوني اقتله فانه بقية هذا النسل ـ يعني نسل الحسين ـ فاحسم به هذا القرن ، واميت به هذا الداء ، واقطع به هذه المادة» (٢).
الا انهم اشاروا عليه بعدم التعرض له ، معتقدين أن ما الم به من الأمراض سوف تقضي عليه وقد انجاه اللّه منهم بأعجوبة.
وتخدرت جماهير الكوفة تحت ضغط هائل من الارهاب والعنف ، حتى تغيرت الأوضاع العامة تغيرا كليا ، فلم تعد الكوفة كما كانت مسرحا للتيارات السياسية ، ومركزا للجبهة المعارضة ، فقد قبعت بالذل ، والهوان وسرت في اوردتها اوبثة الخوف.
من يستطيع ان يتكلم والجو ملبد بالمخاوف ، فرأس زعيم الأمة وقائدها الأعلى على الحراب ، وعقائل الرسالة سبايا في المصر ، فلم يعد في مقدور اي احد ان يتلفظ بحرف واحد فكمت الأفواه ، واخرست الألسن وملئت السجون بالرؤوس والضروس ، واستسلم الجميع لحكم ابن مرجانة ، وقد جاء الطاغية مزهوا الى الجامع الأعظم حيث عقد فيه اجتماعا عاما حضرته القوات المسلحة وسائر ابناء الشعب فاعتلى المنبر مظهرا فرحته
__________________
(١) تأريخ ابن الاثير ٣ / ٢٧
(٢) رسائل الجاحظ