وخرجت الكوفة بجميع طبقاتها لتوديع ركب أهل البيت وهم ما بين باك ونائح وقد غصت طرق الكوفة بالناس وهم يبكون عامة الليل ، فلم تتمكن القافلة أن تسير من كثرة الزحام فاستغرب الامام زين العابدين (ع) منهم وراح يقول : «هؤلاء قتلونا ويبكون علينا!!» (١).
وعجت نساء همدان بالبكاء والنياحة (٢) وعلا منهن الصراخ والعويل وأمر شمر بن ذي الجوشن أن يغل الامام زين العابدين بغل في عنقه فغل (٣) وانطلقوا بالأسرى حتى التحقوا بالقافلة التي معها الرءوس ، ولم يتكلم الامام زين العابدين مع الجفاة بكلمة واحدة ، ولا طلب منهم أي شيء طيلة الطريق (٤) وسارت القافلة لا تلوي على شيء حتى انتهت الى القرب من دمشق فاقيمت هناك حتى تتزين البلد بمظهر الزهو والأفراح.
وأمرت حكومة دمشق الدوائر الرسمية وشبه الرسمية والمحلات العامة والخاصة باظهار الزينة والفرح للنصر الذي احرزته في قتل ريحانة رسول اللّه (ص) وسبي ذريته ، ويصف بعض المؤرخين تلك الزينة بقوله :
__________________
(١) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (ص ٩٩)
(٢) الحدائق الوردية ١ / ١٢٩
(٣) انساب الأشراف ق ١ ج ١
(٤) الارشاد (ص ٢٧٦)