«عند اللّه احتسب نفسي وحماة اصحابي» (١)
وبرز البطل العظم الحر بن يزيد الرياحي الذي استجاب لنداء الحق وآثر الآخرة على الدنيا فاستقبل الموت بثغر باسم وسرور بالغ لنصرة ريحانة رسول اللّه (ص) وجعل يقاتل اعنف القتال واشده وهو يرتجز :
اني أنا الحر ومأوى الضيف |
|
أضرب في اعراضكم بالسيف |
عن خير من حلّ بلاد الخيف |
|
اضربكم ولا أرى من حيف (٢) |
لقد دلل بهذا الرجز على كرمه وسخائه وان بيته كان مأوى للضيوف وموطنا للقاصدين ، كما أعلن انه انما يضرب في اعناقهم بسيفه حماية عن الامام العظيم الذي هو خير من استوطن بلاد الخيف ، وهو بذلك لا يرى بأسا أو حيفا في قتاله لهم.
وكان الحر يقاتل ومعه زهير بن القين ، وكان اذا شد أحدهما واستلحم شد الآخر واستنقذه وداما على ذلك ساعة (٣) واصيب فرس الحر بجراحات فلم ينزل عنه وانما ظل يقاتل عليه وكان يتمثل بقول عنترة :
ما زلت أرميهم بثغرة نحره |
|
ولبانه حتى تسربل بالدم |
وكانت بين الحر وبين يزيد بن سفيان عداوة قديمة ومتأصلة فاستغلها الحصين بن نمير فقال له : هذا الحر الذي كنت تتمنى قتله ، وحمل عليه يزيد فشد عليه الحر فقتله ، وسدد ايوب بن مشرح سهما لفرس الحر
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٩٢ ، تأريخ الطبري ٦ / ٢٥١
(٢) الفتوح ٥ / ١٨٥
(٣) البداية والنهاية ٨ / ١٨٣