وخفق الامام الحسين خفقة بعد ما اعيته الآلام المرهقة ، فاستيقظ ، والتفت إلى أصحابه وأهل بيته فقال لهم :
ـ أتعلمون ما رأيت في منامي؟
ـ ما رأيت يا ابن رسول اللّه؟
ـ رأيت كأن كلابا قد شدت علي تناشبني (١) وفيها كلب أبقع أشدها علي ، وأظن الذي يتولى قتلي رجل ابرص من هؤلاء القوم ...
ثم اني رأيت جدي رسول اللّه (ص) ومعه جماعة من أصحابه ، وهو يقول لي : يا بني أنت شهيد آل محمد ، وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن افطارك عندي الليلة ، عجل ولا تؤخر هذا ما رأيت وقد أزف الأمر وأقترب الرحيل من هذه الدنيا (٢).
وخيم على أهل بيته وأصحابه حزن عميق ، وأيقنوا بنزول الرزء القاصم واقتراب الرحيل عن هذه الحياة.
وفزعت عقائل الوحي كأشد ما يكون الفزع ، فلم يهدأن في تلك الليلة الخالدة في دنيا الأحزان ، وقد طافت بهن تيارات من الهواجس
__________________
(١) تناشبني : مأخوذ من نشب في الشيء إذا وقع فيما لا مخلص منه وفي رواية تنهشني.
(٢) الفتوح ٥ / ١٨١.