سابعا ـ انها اظهرت سمو مكانتها فكلمات الطاغية كلام الأمير والحاكم فاستهانت به ، واستصغرت قدره ، وتعالت عن حواره ، وترفعت عن مخاطبته ، ولم تحفل بسلطانه .. لقد كانت العقيلة على ضعفها وما ألم بها من المصائب اعظم قوة وأشد بأسا منه.
ثامنا ـ انها عرضت الى ان يزيد مهما بذل من جاهد لمحو ذكر أهل البيت (ع) فانه لا يستطيع الى ذلك سبيلا لأنهم قائمون في قلوب المسلمين وعواطفهم وهم مع الحق ، والحق لا بد أن ينتصر ، وفعلا قد انتصر الحسين وتحولت مأساته الى مجد لا يبلغه أي انسان كان فأي نصر أحق بالبقاء واجدر بالخلود من النصر الذي احرزه الامام
هذا قليل من كثير مما جاء في هذه الخطبة التي هي آية من آيات البلاغة والفصاحة ، ومعجزة من معجزات البيان ، وهي احدى الضربات القاضية على ملك بني أمية.
وكان خطاب العقيلة كالصاعقة على رأس يزيد فقد انهار غروره وتحطم كبرياؤه ، وحار في الجواب فلم يستطع ان يقول شيئا الا أنه تمثل يقول الشاعر :
يا صيحة تحمد من صوائح ما أهون النوح على النوائح
ولم تكن أية مناسبة بين ذلك الخطاب العظيم الذي ابرزت فيه عقيلة الوحي واقع يزيد ، وجردته من جميع القيم الانسانية ، وبين ما تمثل به من الشعر الذي اعلن فيه أن الصيحة تحمد من الصوائح ، وان النوح يهون على النائحات ، فأي ربط موضوعي بين الأمرين.