وحينما رأت السيدة زينب (ع) حفيدة الرسول (ص) وشقيقة الامام الحشود الزاخرة التي ملأت شوارع الكوفة وأزقتها ، اندفعت الى الخطابة لبلورة الموقف ، واظهار المصيبة الكبرى التي جرت على أهل البيت وتحميل الكوفيين مسئولية هذه الجريمة النكراء ، فهم الذين نقضوا العهد ، وخاسوا بالذمة ، فقتلوا ريحانة رسول اللّه (ص) ثم عادوا بعد قتله ينوحون ويبكون كأنهم لم يقترفوا هذا الاثم العظيم ، وهذا نص خطابها :
«الحمد للّه وصلواته على أبي محمد رسول اللّه (ص) وعلى آله الطاهرين الأخيار ، أما بعد : يا أهل الكوفة يا أهل الختل والخذل (١) أتبكون؟!! فلا رقأت لكم دمعة (٢) انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا ، تتخذون ايمانكم دخلا بينكم الا بئس ما قدمت لكم انفسكم ان سخط اللّه عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون وتنتحبون!! أي واللّه فابكوا كثيرا ، واضحكوا قليلا ، كل ذلك بانتهاككم حرمة ابن خاتم الأنبياء ، وسيد شباب أهل الجنة ، وملاذ حضرتكم ، ومفزع نازلتكم ، ومنار حجتكم ومدرة سنتكم الا ساء ما تزرون ، وبعدا لكم ، وسحقا ، فلقد خاب السعي ، ونبت الأيدي وخسرت الصفقة وتوليتم بغضب اللّه ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.
أتدرون ويلكم يا أهل الكوفة؟ أي كبد لرسول اللّه (ص) فريتم وأي دم له سفكتم ، وأي حرمة له انتهكتم؟ لقد جئتم شيئا ادا تكاد السموات يتفطرن منه ، وتنشق الأرض ، وتخر الجبال هدا!!
__________________
(١) وفي نسخة : الغدر
(٢) وفي نسخة : فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة