ويقول جذلم بن بشير : قدمت الكوفة سنة (٦١ هـ) عند مجيء علي ابن الحسين من كربلا الى الكوفة ومعه النسوة وقد أحاطت بهم الجنود وقد خرج الناس للنظر إليهم وكانوا على جمال بغير وطاء فجعلت نساء أهل الكوفة يبكين ويندبن ، ورأيت علي بن الحسين قد انهكته العلة ، وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة الى عنقه (١) ، وهو يقول بصوت ضعيف :
ان هؤلاء يبكون وينوحون من أجلنا فمن قتلنا؟ (٢) وانبرت احدى سيدات الكوفة فسألت احدى السبايا وقالت لها :
«من أي الأسارى أنتن؟»
«نحن أسارى أهل البيت»
ولما سمعت بذلك المرأة صرخت ، وصرخت النسوة التي معها ، ودوى صراخهن في ارجاء الكوفة ، وبادرت المرأة فجمعت ما في بيتها من ازر ومقانع فجعلت تناولها الى العلويات ليتسترن بها عن أعين الناس (٣) كما بادرت سيدة أخرى فجاءت بطعام وتمر وأخذت تلقيه على الصبية التي أضناها الجوع.
ونادت السيدة أم كلثوم من خلف الركب :
«ان الصدقة حرام علينا أهل البيت»
ولما سمعت الصبية مقالة العقيلة رمى كل واحد منهم ما في يده أو فمه من الطعام وراح يقول لصاحبه : إن عمتي تقول :
«إن الصدقة حرام علينا أهل البيت»
__________________
(١) أمالي الشيخ المفيد (ص ١٤٣) مخطوط
(٢) مقتل الحسين لعبد اللّه
(٣) مقتل الحسين لعبد اللّه