أما موقف الأمويين ازاء تحرك الامام ، ومغادرته الحجاز إلى العراق فقد كان مضطربا فطائفة منهم كانت تحب العافية ، وتخاف عواقب الأمور وتخشى على الامام أن يناله ابن زياد بمكروه فيكون ذلك سببا لزوال ملكهم وطائفة كانت تخاف على العرش الأموي ، وتحذر من ذهاب الملك منهم وترى ضرورة البطش بالامام ومقابلته ليسلم لهم الملك والسلطان ، أما الطائفة الأولى فيمثلها الوليد بن عتبة ، وأما الثانية فيمثلها عمرو بن سعيد الأشدق ، وقد كتب كل منهما رسالة لابن زياد تمثل رأيه واتجاهه.
وليس في بني أمية مثل الوليد بن عتبة في اصالة رأيه وعمق تفكيره فقد فزع حينما علم بمغادرة الامام للحجاز وتوجهه إلى الكوفة ، وهو يعلم بغرور يزيد وطيش ابن زياد ، فرفع رسالة الى ابن زياد يحذره فيها من أن ينال الامام بمكروه فان ذلك يعود بالاضرار البالغة على بني أمية ، وهذا نص رسالته :
«من الوليد بن عتبة إلى عبيد اللّه بن زياد ، أما بعد : فان الحسين ابن علي قد توجه نحو العراق ، وهو ابن فاطمة ، وفاطمة بنت رسول اللّه (ص) فاحذر يا بن زياد من أن تبعث إليه رسولا فتفتح على نفسك ما لا تختار من الخاص والعام والسلام ..».
ولم يعن به ابن زياد ، وانما مضى سادرا في غيه وطيشه مطبقا لما عهدت إليه حكومة دمشق (١).
__________________
(١) الفتوح ٥ / ١٢١ ـ ١٢٢