لقد تجلت قوة الشخصية في حفيدة الرسول ، وبرزت معاني الوراثة النبوية في مواقفها الخالدة التي صانت بها أهداف الامام ، واظهرت الواقع في تضحيته ، وانارت السبيل في بيان اسرار شهادته.
واحتف اولئك الجفاة حول القاتل الأثيم سنان بن انس (١) وجعلوا يمنونه الأماني ويقولون له :
«قتلت الحسين بن علي وابن فاطمة .. قتلت اعظم العرب خطرا الذي اراد أن يزيل ملك هؤلاء فأت امراءك فاطلب ثوابك منهم ، فانهم لو اعطوك بيوت أموالهم في قتله لكان قليلا»
وتحركت مطامعه ، فأقبل حتى وقف على فسطاط ابن سعد رافعا صوته :
أوقر ركابي فضة أو ذهبا |
|
إني قتلت السيد المحجبا |
قتلت خير الناس أما وأبا |
|
وخيرهم إذ ينسبون النسبا |
ولما سمعه ابن سعد نهره ورماه بالسوط ، وقال له : ويحك أنت مجنون لو سمعك ابن زياد تقول هذا الضرب عنقك (٢) وقد حدد الباغي اللئيم أهدافه في هذا الرجز ، فهو انما ينشد الذهب والفضة في قتله لخير الناس أما وأبا ، ولم يؤثر أن هناك رجزا قيل في المعركة أو بعدها سوى
__________________
(١) سنان بن أنس : هو جد شريك القاضي المعروف بعدم النزاهة جاء ذلك في الاستيعاب ١ / ٣٧٧.
(٢) البداية والنهاية ٨ / ١٨٩ ، وفي المعجم الكبير للطبراني ٢ / ١٤٠ ان انس أنشد هذين البيتين امام ابن زياد وكذلك جاء في الاستيعاب ١ / ١٧٧.