الامة الاسلامية بما يملك من طاقات هائلة من الفضل والتقوى واصالة الفكر وعمق الرأي وحسن التدبير ، قل أن يتصف بمثلها عظماء الرجال وعباقرة الدهر .. وكان بودي أن أطيل الوقوف للتحدث عن معالم شخصيته الكريمة ، والتحدث عن ثورته وكيفية استيلائه على الحكم إلا ان ذلك يستدعي وضع كتاب خاص به ، وعسى أن أوفق إلى ذلك ان شاء اللّه ، وقبل أن اقفل الحديث عنه اشير على سبيل الايجاز إلى بعض الجهات التي تمت الى الموضوع.
وساد الرعب واستولى الخوف على نفوس السفكة المجرمين من قتلة ريحانة رسول اللّه (ص) فقد كانوا على يقين أن ثورة المختار انما قامت للانتقام منهم ، فهام بعضهم من خوفه في البيداء ولم يعلم له خبر ، وفر آخرون إلى عبد الملك ليحميهم من سطوة المختار وغضبه ، وقد خاطبه شخص منهم قائلا :
ادنو لترحمني وترتق خلتي |
|
وأراك تدفعني فاين المدفع (١) |
وجاء إليه عبد الملك بن الحجاج التغلبي لاجئا فقال له :
«اني هربت إليك من العراق»
فصاح به عبد الملك بن مروان :
«كذبت ليس لنا هربت ، ولكن هربت من دم الحسين وخفت على دمك فلجأت إلينا» (٢).
__________________
(١) عيون الاخبار لابن قتيبة ١ / ١٠٣
(٢) عيون الاخبار لابن قتيبة ١ / ١٠٣