النفس والالمام بوسائل الدعاية والاعلام ، فقد كان يخاطب عواطف الناس كما كان يخاطب عقولهم ، وكان لا يكتفي بوسائل الدعاية المعروفة حينئذ كالخطابة والشعر بل لجأ إلى وسائل كثيرة للدعاية منها التمثيل والمظاهرات والاشاعات ، كما لجأ إلى ما نسميه الآن بالانقلاب العسكري حينما انتزع الكوفة من ابن الزبير» (١).
وكان علما من اعلام الشيعة ، وسيفا من سيوف آل رسول اللّه (ص) وكان يتحرق كأشد ما يكون التحرق ألما وجزعا على العترة الطاهرة التي أبادتها سيوف الباطل ، وقد سعى جاهدا للاستيلاء على الحكم لا لرغبة فيه ، وانما ليأخذ ثأر آل البيت وينتقم من قتلتهم.
وقد اتهم هذا العملاق العظيم باتهامات رخيصة كاتهامه بادعاء النبوة وغيرها من النسب الباطلة التي هي بعيدة عنه وهو برىء منها ، وانما اتهموه بذلك لأنه طلب بثأر الامام العظيم ، وزعزع كيان الدولة الاموية ، وأسقط هيبة حكمها وساوى بين العرب والموالي ، فلم يميز أحدا على أحد ، وقد رام السير في أيام حكمه على ضوء منهاج سياسة الامام أمير المؤمنين عليه السلام ، والاقتداء بسلوكه في سياسته الاقتصادية والاجتماعية.
وكان على جانب كبير من التقوى والحريجة في الدين ، ويقول المؤرخون إنه كان في أيام حكومته القصيرة الامد يكثر من الصوم شكرا للّه تعالى على توفيقه للأخذ بثأر العترة الطاهرة ، وابادته للارجاس من السفكة المجرمين.
لقد ألصقوا بهذا العملاق العظيم التهم الزائفة للحط من شأنه والتقليل من أهميته ، وانا بعد دراستنا لشؤونه رأيناه من أفذاذ التأريخ ومن اعلام
__________________
(١) المختار (ص ٤٣)