وأحدث خطاب العقيلة موجة عاصفة في مجلس يزيد وأشاعت في نفوس الجالسين مشاعر الحزن والأسى والتذمر فقد أزاح عنهم حجب الشبهات ونسف كل الوسائل التي صنعها معاوية لاقامة دولته وسلطانه وراح يزيد يلتمس المعاذير ليبرر جريمته فقال لأهل الشام.
«أتدرون من أين أتى ابن فاطمة؟ وما الحامل له على ما فعل؟ وما الذي أوقعه فيما وقع؟».
«لا»
«يزعم أن أباه خير من أبي وأمه فاطمة بنت رسول اللّه خير من أمي وانه خير مني ، وأحق بهذا الأمر ، فأما قوله أبوه خير من أبي. فقد حاج ابي اباه الى اللّه عز وجل ، وعلم الناس أيهما حكم له ، وأما قوله أمه خير من أمي : فلعمري ان فاطمة بنت رسول اللّه (ص) خير من أمي ، وأما قوله جده خير من جدي : فلعمري ما أحد يؤمن باللّه واليوم الآخر وهو يرى ان لرسول اللّه (ص) فينا عدلا ولا ندا. ولكنه انما أتي من قلة فقهه ، ولم يقرأ قوله تعالى : (قُلِ اَللّٰهُمَّ مٰالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشٰاءُ وتَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشٰاءُ وتُعِزُّ مَنْ تَشٰاءُ وتُذِلُّ مَنْ تَشٰاءُ) وقوله تعالى :
(اَللّٰهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشٰاءُ) (١).
لقد حسب الطاغية أن منطق الفضل عند اللّه انما هو الظفر بالملك فراح يا بني تفوقه على الامام بذلك ولم يعلم انه لا قيمة للملك عند اللّه فانه يهبه للبر والفاجر.
__________________
(١) الطبرى ٦ / ٢٦٦