فقد دس إليه يزيد شرطته لاغتياله ، يقول عبد اللّه بن عباس في رسالته ليزيد : «وما انس من الأشياء فلست بناس اطرادك الحسين بن علي من حرم رسول اللّه (ص) إلى حرم اللّه ودسك إليه الرجال تغتاله فاشخصته من حرم اللّه إلى الكوفة فخرج منها خائفا يترقب وقد كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديما واعز أهلها بها حديثا ، واطوع أهل الحرمين بالحرمين لو تبوأ بها مقاما واستحل بها قتالا» (١).
ومما دعا الامام إلى الخروج من مكة رسالة سفيره مسلم بن عقيل التي تحثه على السفر إلى العراق ، وقد جاء فيها أن جميع أهل الكوفة معه وان عدد المبايعين له يربو على ثمانية عشر الفا ... هذه بعض الأسباب التي حفزت الامام على الخروج الى العراق ، وان من أوهى الأقوال القول بأن خروجه من مكة كان راجعا إلى وجود ابن الزبير فيها ، فان ابن الزبير لم تكن له أية أهمية حتى يخرج الامام منها ، وانما الأسباب التي ألمعنا إليها فقد أصبحت مكة لا تصلح لأن تكون مركزا للحركات السياسية بعد أن أصبحت مهددة بغزو الجيوش الأموية لها.
ولما عزم الامام على مغادرة الحجاز والتوجه الى العراق أمر بجمع الناس ليلقي عليهم خطابه التاريخي ، وقد اجتمع إليه خلق كثير في المسجد الحرام من الحجاج وأهالي مكة فقام فيهم خطيبا فاستهل خطابه بقوله :
__________________
(١) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٢٢١