وطلبن بنات رسول اللّه (ص) من الطاغية أن يفرد لهن بيتا ليقمن فيه مأتما على سيد الشهداء ، فقد نخر الحزن قلوبهن ، ولم يكن بالمستطاع أن يبدين بما ألم بهن من عظيم الأسى والشجون خوفا من الجلاوزة الجفاة الذين جاهدوا على منعهن من البكاء والنياحة على أبي عبد اللّه ، وقد أثر عن الامام زين العابدين (ع) أنه قال : كلما دمعت عين واحد منا قرعوا رأسه بالرمح ، واستجاب يزيد لذلك فافرد لهن بيتا ، فلم تبق هاشمية ولا قرشية الا لبست السواد حزنا على الحسين ، وخلدن بنات الرسالة الى النياحة سبعة أيام ، وهن يندبن سيد الشهداء باشجى ندبة (١) وينحن على الكواكب من نجوم آل عبد المطلب ، وقد ذابت الأرض من حرارة دموعهن.
وشكر الطاغية يزيد لابن مرجانة قتله لريحانة رسول اللّه (ص) وبالغ في تقديره وتكريمه فاستدعاه للحضور عنده في دمشق ليجازيه على ذلك ، وكتب إليه ما يلي :
«أما بعد : فانك قد ارتفعت الى غاية أنت فيها كما قال الأول :
رفعت فجاوزت السحاب وفوقه فما لك الا مرتقى الشمس مقعد
فاذا وقفت على كتابي فاقدم علي لاجازيك على ما فعلت»
__________________
(١) مقتل الحسين لعبد اللّه