والتاع الامام كأشد ما تكون اللوعة الما ومحنة حينما رأى أطفاله وأهل بيته وهم يستغيثون من الظمأ القاتل ، فندب أخاه وابن والده أبا الفضل العباس لتحصيل الماء فانبرى البطل العظيم ، وصحب معه ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، وحملوا معهم عشرين قربة ، واقتحموا بأجمعهم نهر الفرات ، وقد تقدمهم نافع بن هلال المرادى ، فاستقبله عمرو بن الحجاج الزبيدي ، وكان هو المسئول عن حراسة الفرات ، فقال له :
ـ ما جاء بك؟
ـ جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه
ـ اشرب هنيئا
ـ افأشرب والحسين عطشان ومن ترى من أصحابه
ـ لا سبيل الى سقي هؤلاء انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء ولم يحفل به أصحاب الامام ، فاقتحموا الفرات ليملئوا قربهم فثار عليهم عمرو بن الحجاج مع مفرزة من جنوده ، والتحم معهم العباس ونافع ابن هلال ، ودارت بينهم معركة إلا انه لم يقتل فيها أحد وعاد أصحاب الامام بعد أن ملأوا قربهم من الماء وقيل انهم لم يعودوا إلا بشيء يسير منه (١) واروى العباس عطاشى أهل البيت وأنقذهم من الظمأ ، ولقب من ذلك اليوم بالسقاء وهو من أشهر القابه ذيوعا ، ومن أحبها عنده.
وكان حبيب بن مظاهر من أفذاذ اصحاب الحسين ومن اكثرهم اخلاصا وولاء له ، ولما رأى وحدة الامام وتظافر القوى الغادرة على
__________________
(١) أنساب الأشراف ق ١ ج ١