ولما أذيع تصميم الحسين (ع) وعزمه على مغادرة الحجاز والتوجه إلى الكوفة أشفق عليه جماعة من أهل بيته وشيعته كما اظهر له الاخلاص رياء بعض ذوي الأطماع السياسية كعبد اللّه بن الزبير ، والأشدق الذي أشفق عليه بالخروج خوفا على انهيار الحكم الأموي وقد حذروا الامام وخافوا عليه من انقلاب أهل الكوفة وغدرهم به كما غدروا بأخيه الامام الحسن من قبل ، وقد أشاروا عليه بأن لا يتوجه لهذا القطر ولا يقرب منه ، كما ندد بخروجه جماعة من عملاء السلطة وأذنابها خوفا على تصدع الحكم الأموي وانهياره ، وقال بمثل مقالتهم جماعة من المنحرفين عن أهل البيت في كثير من العصور ، وفيما يلي آراء كلا الفريقين.
أما المشفقون من شيعة الامام الحسين وأهل بيته فكانت قلوبهم تذوب أسى وحزنا على مغادرة الامام للحجاز ، وكانوا يتكلمون بلغة العاطفة ويفكرون في شيء لم يكن الامام يفكر به ، فكانوا يشيرون عليه بمهادنة السلطة والبيعة ليزيد ليكون بمأمن من شروره واعتدائه ، وكان (ع) يرى دين جده (ص) قد صار العوبة بيد حفيد أبي سفيان ، فلا بد أن يثأر لكرامة هذا الدين ويضحي بكل شيء لحمايته ، فهذا هو مغزاه الذي كان لا يثنيه عنه شيء .. ولنستمع إلى حديث المشفقين عليه ، والعاذلين له.