أما بواعث هجرة الامام من مكة ، وخروجه إلى العراق بهذه السرعة فهي ـ فيما نحسب تعود إلى ما يلي :
وخاف الامام على انتهاك بيت اللّه الحرام الذي من دخله كان آمنا فان بني أمية كانوا لا يرون له حرمة فقد عهد يزيد الى عمرو بن سعيد الأشدق أن يناجز الامام الحرب ، وان عجز عن ذلك اغتاله ، وقدم الأشدق في جند مكثف إلى مكة ، فلما علم الامام خرج منها (١) فلم يعتصم بالبيت الحرام حفظا على قداسته يقول (ع) : «لأن أقتل خارجا منها ـ أي من مكة ـ بشبر أحب إلي» ويقول (ع) لابن الزبير :
«لئن أقتل بمكان كذا وكذا احب إلي من أن تستحل ـ يعني مكة ـ» (٢) وقد كشفت الأيام عدم تقديس الأمويين لهذا البيت العظيم ، فقد قذفوه بالمنجنيق وأشعلوا فيه النار عند ما حاربوا ابن الزبير ، كما استباحوا المدينة قبل ذلك .. لقد تحرج الامام كأشد ما يكون التحرج على قداسة بيت اللّه من أن تنتهك حرمته ، فنزح عنه لئلا تسفك فيه الدماء.
وخاف الامام من الاغتيال في مكة أو يقع غنيمة باردة بايدي الأمويين
__________________
(١) مرآة الزمان (ص ٦٧) من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين.
(٢) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٦٦