فلا تقبلون منها شيئا ، وجعلوا يقاتلون ببسالة مع الامام حتى استشهدوا بين يديه (١).
وفشلت جميع الوسائل التي اتخذها الامام لصيانة السلم وعدم سفك الدماء ، وقد خاف ابن سعد من اطالة الوقت لئلا يحدث انقسام في صفوف جيشه فقد اربكه التحاق الحر بالامام مع ثلاثين فارسا من جيشه ، وزحف الباغي الى مقربة من معسكر الامام فأخذ سهما فاطلقه صوب الامام وهو يصيح :
«اشهدوا لي عند الأمير أني اول من رمى الحسين»
واتخذ ابن سعد من السهم الذي فتح به الحرب وسيلة يتقرب به الى سيده ابن مرجانة ، ويطلب من الجيش أن يشهدوا له عنده ليكون على ثقة من اخلاصه ووفائه ، وان ينفي عنه الشبهات من أنه غير جاد في قتاله للحسين.
وتتابعت السهام من معسكر ابن سعد على اصحاب الحسين كأنها المطر حتى لم يبق أحد منهم الا اصابه سهم منها ، وبطلت بذلك حجة السلم التي حرص الامام عليها ، وكان على انتظار من اعدائه القيام بهذا العدوان الغادر فلما بدءوه من جانبهم وجب عليه الدفاع عن النفس وجوبا لا شبهة فيه والتفت الامام الى اصحابه فاذن لهم في الحرب قائلا :
«قوموا يا كرام فهذه رسل القوم إليكم»
وتقدمت طلائع الحق من أصحاب الامام إلى ساحة الحرب وبدأت
__________________
(١) تذهيب التهذيب ١ / ١٥٢