إليهم رافعا صوته :
«يا اهل الكوفة لأمكم الهبل (١) والعبر (٢) أدعوتموه حتى إذا أتاكم استلمتموه وزعمتم أنكم قاتلو أنفسكم دونه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه؟ أمسكتم بنفسه ، واحطتم به ، ومنعتموه من التوجه في بلاد اللّه العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته ، فاصبح كالأسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا ، ومنعتموه ومن معه عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهودي والنصراني والمجوسي ، ويتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه وها هو وأهله قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا في ذريته لا سقاكم اللّه يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتفزعوا عما أنتم عليه».
وزلزلت الأرض تحت اقدامهم ، فقد كان هنا مئات امثال الحر ممن هاموا في تيارات من الصراع النفسي وكانوا على يقين بباطل قصدهم إلا انهم استجابوا رغباتهم النفسية ، في حب البقاء.
وتوقح بعض اولئك الممسوخين فرموا الحر بالنبل (٣) وهو كل ما يملكون من حجة في الميدان.
والتحق بمعسكر الامام ثلاثون فارسا من جيش ابن سعد ، وجعلوا يقولون لأهل الكوفة : يعرض عليكم ابن رسول اللّه (ص) ثلاث خصال
__________________
(١) الهبل : الثكل والفقد
(٢) العبر : البكاء وجريان الدمع
(٣) الكامل ٣ / ٢٢٩