وكانت هيبته تأخذ بمجامع القلوب حتى قال بعض أعدائه : «لقد شغلنا جمال وجهه ونور بهجته عن الفكرة في قتله» وما انتهى إليه رجل الا انصرف كراهية أن يتولى قتله (١).
وخرجت حفيدة الرسول (ص) زينب من خبائها وهي فزعة تندب شقيقها وبقية أهلها وتقول بذوب روحها :
«ليت السماء وقعت على الأرض»
وأقبل ابن سعد فصاحت به : يا عمر أرضيت أن يقتل ابو عبد اللّه وأنت تنظر إليه؟ فأشاح الخبيث بوجهه عنها ودموعه تسيل على لحيته المشومة (٢) ولم تعد العقيلة تقوى على النظر الى أخيها وهو بتلك الحالة التي تميد بالصبر ، فانصرفت إلى خبائها لترعى المذاعير من النساء والأطفال.
ومكث الامام طويلا من النهار ، وقد أجهدته الجروح واعياه نزيف الدماء ، فصاح بالقتلة المجرمين :
«أعلى قتلي تجتمعون؟ اما واللّه لا تقتلون بعدي عبدا من عباد اللّه وأيم اللّه إني لأرجو ان يكرمني اللّه بهوانكم ، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون ..».
__________________
(١) أنساب الأشراف ق ١ ج ١
(٢) جواهر المطالب في مناقب الامام علي بن أبي طالب (ص ١٣٩)