٣ ـ ان اليمن قد منيت بالفقر والبؤس فكانت الحياة الاقتصادية فيها مشلولة ، ولا قدرة لأهلها على مد الثورة بما تحتاج إليه من المال والسلاح ، وقد نزح الكثيرون منها إلى الكوفة طلبا للرزق والرفاهية.
٤ ـ ان الامام لو ذهب إلى اليمن لما تركه يزيد وأرسل إليه جيوشه لمناجزته وتسفك بذلك الدماء ، ويتهم الامام باثارة الفتنة وشق عصا الطاعة وتضيع بذلك عدالة قضيته حسب ما يقول الدكتور أحمد محمود صبحي (١) وبما ذكرناه من هذا التحقيق يتضح وهن ما ذهب إليه الدكتور على حسين الخربوطلي من تخطأة الامام على عدم ذهابه لليمن وتخليه عن الحجاز لأن بهما أنصاره الحقيقيين وشيعة أبيه المخلصين ، وان اليمن كانت تمتاز ببعدها عن مركز الخلافة ، ومناعة حصونها وكثرة شعابها (٢) وهذا الرأي لا يحمل أي طابع من التحقيق فان الامام لم يكن عنده أنصار حقيقيون في الحجاز ، ولو كانوا لخفوا معه حينما أعلن الذهاب إلى العراق ، وما تركوه وحده فريسة بيد الطاغية ابن مرجانة ، وأما اليمن فقد ذكرنا أنها غير صالحة استراتيجيا لأن يتخذها الامام مقرا لثورته.
وأعرض الامام عن فارس لأنه لم يكن له فيها أي رصيد ، ولم تتبلور فيها الدعوة لأهل البيت (ع) وانما كانت مركزا لدعوة العلويين بعد ردح من الزمن حينما نزحت إليها المجموعة الكبيرة من الشيعة التي نفاها
__________________
(١) نظرية الامامة لدى الشيعة الاثنى عشرية (ص ٣٤٣)
(٢) تأريخ العراق في ظل الحكم الأموي (ص ١٢١) وذهب لذلك الصولي في كتابه الدولة الأموية في الشام (ص ٥٣).