وجاهد عبد اللّه بن عمير الكلبي جهاد الأبطال ، فكان يضرب بسيفه ذات اليمين واليسار ، وقد قتل فيما يقول المؤرخون تسعة عشر فارسا ، واثني عشر راجلا (١) وقد أصابته جراحات كثيرة فشد عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حي التميمي فقاتلاه (٢) وانتهت بذلك حياة هذا البطل الذي وهب حياته للّه وتفانى في الولاء والاخلاص لريحانة رسول اللّه (ص) وقد انطلقت زوجته السيدة أم وهب تبحث عنه بين جثث القتلى فلما عثرت عليه جلست الى جانبه وهي تبارك له شهادته بايمان واخلاص قائلة :
«هنيئا لك الجنة ، اسأل اللّه الذي رزقك الجنة ان يصحبني معك»
وأخذت تتضرع الى اللّه ان يحشرها معه في الفردوس الأعلى ، وبصر بها الخبيث الدنس شمر بن ذي الجوشن الذي يحمل رجس أهل الأرض فأوعز إلى غلامه رستم بقتلها ، فغافلها العبد من الخلف وهشم رأسها بعمود ، فماتت شهيدة في المعركة ، ويقول المؤرخون إنها أول امرأة قتلت من أصحاب الحسين (٣) ومعنى ذلك ان هناك نساء أخرى من نساء أصحاب الامام قد استشهدن في المعركة ، وقد انتهكت بذلك سنن القتال التي كانت سائدة في الجاهلية والاسلام من تحريم قتل النساء والأطفال.
__________________
(١) مناقب ابن شهر اشوب ٤ / ٢١٧
(٢) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٩٠
(٣) تأريخ الطبري ٦ / ٢٥١