واشتد يزيد بن معقل حليف بني عبد القيس نحو معسكر الامام حتى اذا دنا منه ، رفع صوته ينادي برير بن خضير الهمداني :
«يا برير كيف ترى صنع اللّه بك؟»
فاجابه برير بكل ثقة وايمان :
«واللّه لقد صنع بي خيرا ، وصنع بك شرا ..
أجل لقد صنع للّه ببرير الخير حيث هداه إلى الحق وجعله من انصار ريحانة رسول اللّه (ص) وأما خصمه الباغي اللئيم فأضله وجعله من قتلة أولاد النبيين ، ورد هذا الجلف على برير قائلا :
«كذبت وقبل اليوم ما كنت كذابا ، وأنا اشهد انك من الضالين»
لقد اعترف هذا الدعي بصدق برير قبل هذا اليوم الذي انتصر فيه للحق وفيه ـ حصب ما يزعم ـ يكون كذابا ، ودعاه برير الى المباهلة قائلا :
«هل لك أن أبا هلك أن يلعن اللّه الكاذب منا ويقتل المبطل»
فاستجاب له يزيد ، وتباهلا أمام المعسكرين ثم برز كل منهما للآخر فضرب يزيد بريرا ضربة لم تعمل فيه شيئا ، وانعطف عليه برير فضربه ضربة منكرة قدت المغفر وبلغت الدماغ فسقط الرجس الخبيث صريعا يتخبط بدمه والسيف في رأسه ، ولم يلبث الا قليلا حتى هلك (١) وحمل برير على معسكر ابن سعد وهو مثلوج القلب باستجابة دعائه ، وقد تطلع العسكر بجميع فصائله إلى هذه البطولة النادرة فجعل برير يرتجز :
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٩